مقالات د/ ياسر حسان

مقال بقلم د/ ياسر حسان: هل فعلا الإنسان يسعد بحياة الملوك؟

هل فعلا الإنسان يسعد بحياة الملوك
هل فعلا الإنسان يسعد بحياة الملوك

 

قصة حياة الملكة إليزابيث تثير تساؤلات كثيرة لديّ حول فئة "المستنطعين" في الأرض.. وتساؤلاتي حول "هل فعلا الإنسان يسعد بحياة الملوك؟".


ملكة إنجلترا عاشت عمرًا مديدًا معظمه ملكة لدول كبيرة وعتيدة، لكنها حُرمت من أمور بسيطة، فلم تتناول طعام المطاعم السريعة مرة واحدة في حياتها، وحرمت من ممارسة مهنتها التي أحبتها، ولم تعش حرة كما يتمنى أي انسان، تقريبا تنقلت أغلب حياتها داخل قصرين ومنتجع فقط. والبروتوكولات تحاصرها دائما أينما ذهبت، حتى أنها كانت كثيرا ما تلوم عمها الملك إدوارد عن تنازله عن العرش.

بينما كل من حولها سعيد، فهم يستمتعون بحياة أقل تعقيدًا بكثير، وفي نفس الوقت يستمتعون بميزات وألقاب مثل أمير ودوق وسير وخلافه.. الحقيقة أنه كلما كنت حول مركز القوة ولست أنت مركز القوة استفدت أكثر واستمتعت أفضل، وأنا أُسمي هولاء "المستنطعين"، لأنهم يستفيدون بكل شئ دون أن يقدموا أي شيء.

أمثال هولاء "المستنطعين" كثر.. أظرفهم والدة الأغنى في العالم "إيلون ماسك" التي تظهر معه في كل مناسباته فقط لتصلح ربطة العنق، ثم ترسل فواتير دار مجوهرات "جراف" الشهير دون أن تفعل شيئًا سوى أنها أنجبت عبقريًا ولد ضمن أخوة عاديين، إيلون كان يبدع وهو طفل وهي تفتح حساب توفير له، ومنهم أيضا أسرة النجم الأمريكي "كيفين هارت" الذي يحكي بنفسه كيف استقال كل أشقائه من أعمالهم وذهبوا إليه ليخبروه بذلك وأنهم أصبحوا أغنياء، رد عليهم "أنا أصبحت غنيًّا لا أنتم"، ولكنهم بالفعل قدموا استقالاتهم وما زالوا يعيشون معه في قصره.

والأظرف على الإطلاق قصة الممثل "مات لوبلان" بطل مسلسل فريندز الذي ذهب إلى والدته ليحكي لها عن رغبته في التمثيل، ففعلت مثل كل الأمهات المصريات وقالت له: "تمثيل ايه روح شوف لك شغلانه او اتعلم مهنة".. لم يسمع كلامها وسافر إلى نيويورك ونجح، وعندما سألوه ما رد فعل والدتك على نجاحك رد ردًّا ظريفًا: "شكرتني على السيارة المرسيدس".

الأمر يختلف في السياسية فهولاء "المستنطعون" يحصلون على ما سبق من امتيازات وألقاب ومجوهرات وسيارات وعقارات، وفوق منافعهم الشخصية يؤثرون في مصير شعب بالكامل دون تحمل أي مسؤولية أو بذل جهد أو تضحية، يعرقلون الإصلاح أو يؤخرونه من أجل مصالحهم الخاصة وعندما ينهدم المعبد لا تسمع لهم حساً أو تجد منهم أحدًا.. وفي الغالب "يستنطعون" على القادم الجديد فالاستنطاع مهنة قليلة الجهد كثيرة المنافع.