مقالات د/ ياسر حسان

مقال بقلم د/ ياسر حسان: لماذا لا يزال "ترامب" خطراً على الديمقراطية في أمريكا؟

لماذا لا يزال ترامب خطرا على الديمقراطية في أمريكا
لماذا لا يزال ترامب خطرا على الديمقراطية في أمريكا

 

بعد أن خاض حملته الانتخابية للرئاسة بناءً على وعد بتجديد الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، وجد جو بايدن نفسه في معركة للدفاع عنها في أمريكا نفسها. والمتابع للسياسة الداخلية للولايات المتحدة يري شداً وجذباً كبيراً في هذا الشأن.


ففي شهر يونيو الماضي وقع 200 باحث ديمقراطي أمريكي بارز على رسالة تحذر من أن التغييرات في القوانين الداخلية للولايات تحول العديد منها إلى أنظمة سياسية استبدادية لا تلبي الحد الأدنى من الشروط لإجراء انتخابات حرة ونزيهة مستقبلاً، حتى أن الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ "ميتش ماكونيل" قال "أنه إذا كان من الممكن إلغاء الانتخابات بمزاعم خالية من الحقائق فإن ديمقراطيتنا ستدخل في دوامة الموت". ومع ذلك هذا هو بالضبط ما يقوم حزبه بعمله.

التهديد الحقيقي بالنسبة للديمقراطيين في أي انتخابات يتعلق بمن يمكنه الإدلاء بأصواته. كلما زاد عدد المصوتين كلما زادت فرص الديمقراطيين، لذلك هم يرفضون التغييرات في القوانين المتعلقة بتحديد الهوية، وبطاقات التصويت بالبريد وغيرها من القوانين المقيدة للتصويت.

من أخطر ألاعيب الجمهوريين حالياً ما يحدث في ولاية أريزونا حيث يريد المجلس التشريعي الحد من استقلالية المشرف العام على الانتخابات. حيث قدم أحد نواب الولاية قانونًا يسمح للهيئة التشريعية بإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث يمكن للمجلس التشريعي أن يشرف على الانتخابات بنفسه.

وأيضاً في جورجيا يمكن للهيئة التشريعية للولاية الآن أن تحل محل قيادة مجالس انتخابات المقاطعات. وتدرس تكساس مشروع قانون يسهل محاكمة مسؤولي الانتخابات. والحقيقة جميع المسؤولون الذين يديرون الانتخابات في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون تعرضوا للهجوم بسبب تأييدهم لنتائج الانتخابات، وكثير منهم معرض لخطر الاستبدال انتقاماً منهم.

الجمهوريون يضعفون نظام التصويت في أمريكا، وهذه التغييرات البيروقراطية تزيد من فرص التنازع على نتائج الانتخابات والتي لا تستطيع المحاكم تسويتها بسرعة.. مصدر الإلهام وراء ذلك هو "دونالد ترامب" الذي يواصل استغلال كل فرصة لديه للإصرار على سرقة الانتخابات.

قد يترشح ترامب من جديد أو لا يترشح مرة أخرى، ورغم ذلك فإن التغييرات التي أجراها الجمهوريون على آلية انتخابات الولايات التي يسيطرون عليها بطريقة أو أخري ستكون سارية في عام 2024 وما بعده لكي يستغلها مرشح من أي من الحزبين.

لفهم سبب كون هذا الأمر خطيراً للغاية على الديمقراطية الامريكية هو أنه سيصبح من الصعب التأكد من نزاهة مشرفي الانتخابات في الولايات بغض النظر عن انتمائهم الحزبي. وهو خطر متوقع رغم أنهم ظلوا على الحياد هل الرغم من تعرضهم لضغوط كبيرة للقيام بخلاف ذلك خلال انتخابات العام الماضي. ونتيجة لذلك تم تجريد بعضهم من صلاحياتهم أو إنشاء حيل جديدة يمكن استخدامها للتغلب عليهم مستقبلا.

الحقيقة أن نخب الحزب الجمهوري في مأزق من صنع قادته بسبب ضغوط ترامب وحلفائه، ويأمل الفصيل الصامت غير المنتمي إلى ترامب في الحزب الجمهوري أن ينتهي كل هذا مع الوقت، ويعتقدون أن بإمكانهم لعب دور أكبر في حماية أمريكا طالما أنهم على علاقة جيدة مع قاعدتهم الانتخابية. وقد ثبت أن هذا المنطق خاطئ منذ تنصيب ترامب في عام 2016. وهذا يؤكد أن الديمقراطية الامريكية في خطر، لكن الخطر الأكبر هو أن تصبح الفوضى التي تلت انتخابات 2020 طبيعية وفقًا للمعايير الجديدة التي وضعها ترامب للانتخابات الامريكية.