مقالات د/ ياسر حسان

مقال بقلم د/ ياسر حسان: المنطق الغائب والمهنية المفقودة في الإعلام المصري

المنطق الغائب والمهنية المفقودة في الإعلام المصري
المنطق الغائب والمهنية المفقودة في الإعلام المصري

 

لا يعنيني الجدل الدائر حول تصريحات إبراهيم عيسى المثيرة دائمًا للجدل.. فهذا أمر جانبي، لكن لب الموضوع هو المنطق الغائب في الإعلام المصري -ومنذ سنوات طويلة- الذي يمنح إبراهيم عيسى وغيره الزمان والمكان لكي يقول فيهما ما يشاء. لا أتابع إبراهيم عيسى، ليس من باب الحب أو الكره، ولكن لا أتصور نفسي إنسانًا عاقلًا راشدًا وأحتاج إلى شخص أجلس أمامه ساعة كاملة من عمري وبشكل دوري لكي أفهم ما هو ديني؟ وما هي الديمقراطية؟ ولماذا الأهلي نادٍ ظالم؟ شخص يتحدث في كل العلوم والمجالات دون أن يحمل شهادة علمية مرموقة لا في الدين، ولا السياسية، ولا الرياضة.


 قد يكون شخصًا مطلعًا ومثقفًا وقرأ سبعة أو ثمانية آلاف كتاب، لكن هذا ليس مبررًا لفرض رأيه على المجتمع. يصح ذلك على قناته الخاصة على يوتيوب أو في وسيلة أخرى يملكها، لكن لا يجوز أن يحدث هذا الأمر وبشكل متكرر -له ولغيره- في وسائل إعلام عامة تخاطب كل المجتمع.

الإعلامي إما مقدم أو محاور .. أما الإعلامي المتحدث الذي يبدأ برنامجه بمكلمة عن معتقداته وقيمه الشخصية ورأيه الذاتي في كل ما يحدث أمر ينفرد به الإعلام في مصر للأسف عن باقي الإعلام في العالم.. علي سبيل المثال لاري كينج الإعلامي الأبرز في برامج التوك شو لعقود كان يشتهر بحواراته الجريئة مع السياسيين والمفكرين والعلماء من كل أنحاء العالم، يستمع ويناقش ويطرح وجهة النظر الأخرى ليخرج المشاهد بمضمون مفيد وسليم.. لم يحتكر لاري ساعة من برنامجه اليومي ليقول فيها ما يشاء عن ما يشاء.

المشكلة ليست في إبراهيم عيسى أو غيره، المشكلة في المنطق الغائب في الإعلام الذي أصبح سمة في كل المحتوى المقدم سياسيًا واقتصاديًا وفنيًا بل وحتى رياضيًا.